الشيخوخة والصحة هل يجتمعان في آن واحد ؟؟
البحث عن الصحة والحياة ليس شيئا جديدا , وكم من الأشخاص في مختلف الحقب والعصور تطرقوا إلى هذا الموضوع , لكن كيفية تحقيقه على أرض الواقع لا تزال مشهدا خياليا , أما اليوم فقد استطاع الإنسان أن يعيش حتى يبلغ مائة عام , بل تعدى حاجز المائة في بعض الحالات , ولكن السؤال الذي يحاول العلماء إيجاد إجابة له هو , كيف يتأتى للإنسان أن يشيخ ويحافظ في نفس الوقت على صحة جيدة؟
فمن المعروف أن الإنسان كلما تقدم في العمر , قلت مناعته وأصبح عرضة للإصابة بأمراض مختلفة , فالشيخوخة والصحة لا يجتمعان أبدا , إلا أن علماء القرن الواحد والعشرين يحاولون جاهدين الجميع بينهما , مع تقدم العلم أصبحنا الآن قادرين على فهم ماكان غامضا من قبل , واليوم دائرة العلم تتسع , وأصبحت الأبحاث التي تختص بمسألة العمر وإطالته متعددة ومتنوعة في جميع أنحاء الأرض , كان لذلك أثر كبير على رفع معنويات الأفراد , إطالة عمر الفرد وحده لا يكفي , بل لابد أن يكون هناك أمل فإذا تمتع الفرد بالأمل استطاع أن يحيا لمدة طويلة وبصحة جيدة للوصول إلى هدف لابد من السعي لتحقيقه وهو إطالة فترة العمر مع المحافظة على صحة جيدة حتى يتسنى للشخص التمتع بمباهج الحياة .
وقد استطاع العلماء أن يطوروا وسيلة جديدة لقياس عمر الإنسان وهو إعطاء الأمل في إطالة الحياة وصحة تامة , وقد يسمح بتعداد الستوات التي يعيشها الإنسان دون أمراض , لذلك يجب على الإنسان أن يفكر كيف يعيش موفور الصحة بدلا من العيش طويلا فقط وعبارة أن يعيش طويلا تختلف في معناها على مدار السنين , فقبل الثورة الفرنسية أي قبل عام 1789 , كان ممتوسط عمر المواطن الفرنسي حوالي 29 عاما , أما في القرن العشرين فقد قفز عمره إلى 50 عاما , أما حاليا فنرى تعدي متوسط العمر في فرنسا إلى 80 عاما لدى السيدات وحوالي 77 عاما لدى الرجال , وبعبارة أخرى نجد أن متوسط عمر الإنسان قد إزداد سريعا في القرن مضت ( القرن العشرين) أكثر من المعدل الذب كان عليه طوال تسعة عشر قرنا الماضين , ونذكر مثلا , عن سيدة فرنسية تدعى جين كالمنت التي توفت عن عمر يناهز 122 عاما و165 يوما , وهي بذلك تكون قد وضعت جانبا كل قواعد المتوسط العمري الذي حدده العلماء , وبالنسبة للمعمرين في فرنسا , فإن عددهم بازدياد مستمر.
ففي عام 1935 لم يكن عددهم يتجاوز مئتي معمر , وظل يرتفع حتى بلغ تسعة الآف معمر عام 2000 , وتقول إحدى المنظمات التي أجرت إخصاء يعتبر آخر إحصاء في هذا الشأن أنه من المتوقع أن يصل عدد المعمرين إلى 150 ألف معمر بحلول عام 2050 , إذا كان آخر الإحصاءات يعطي مزيدا من الأمل في الحياة لكبار السن , إلا أنه لا يجب إغفال جانب مهم من هذا الموضع إلا وهو الناحية البيولوجية والتغيرات التي تحدث لجسم الإنسان , والتي تصاحب الشيخوخة أو التقدم في السن , فالعلم قد تقدم وقد أصبحنا الآن نفهم ما كان يبدو غامضا .
وعلى ذلك , بين عام 1981 وعام 1991 راود الأمل الفرنسيين في العيش حياة طويلة مع التمتع بصحة جيدة , قد ازدادت أعمارهم بمعدل ثلاث سنوات للرجال وحوالي سنتين ونصف للسيدات , أي أكثر بقليل من الزيادة التي حدثت للذين يتمنون حياة طويلة فقط وتلك الزيادات لم تتعد سنتين وخمسة أشهر .
فإذا كان العلم لم يكشف بشكل مفصل عن الآف أسرار إطالة العمر , فهؤلاء الذين يبلغون من العمر عتيا , من المحتمل جدا أن يكون بعائلتهم أب , أو جد , أو عم عاش نفس العمر , لذلك حاول العلماء البحث عن جينات تكون مسؤولة عن هذه العملية , إلا أن ها ليس بالشئ السهل الذي يتوقعه العلماء , وقد نشرت دراسة حديثة في إحدى المجلات العلمية , وقد قام الباحثين في هذه الدراسة بتخليل الجينات الخاصة لمجموعة من أشخاص شبه معمرين .
إلا أنهم لم يتوصلوا إلى اكتشاف أي جين من هذه الجينات بسبب إطالة العمر , رغم ذلك , بدا أن كروموزوم أربعة يلعب دورا محوريا في إطالة العمر , وبطل هذه المعلومات , فإن هذه الإكتشافات غير كافية لاكتشاف أو تفسير أسطورة المعمرين , لذلك حتى وإن لم يعش آباؤنا أو اجدادنا مئة عام , فربما يكون من نصيبنا أو نصيبكم العيش ليس مئة عام بل أكثر وتوضع اسمائنا في سجل المعمرين على غرار جين كالمنتز.